وهذا مما علم فساده من دين الإسلام فإن كل كافر إذا أراد الدخول في دين الإسلام أول ما يؤمن بالشهادة فلو قال: أنا أقر بالخالق لم يكن بذلك مسلما، ولو قال: أنا أعرف الله أنه رب العالمين ورازقهم ومدبرهم لم يصر بذلك مسلما، فمعرفة الله فطرية حاصلة لجمهور الخلق١.
والمقصود أن معرفة الله تعالى فطرية بدليل قوله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} حيث فسرت الفطرة بالدين في الآية وكذلك في الحديث حيث قال عليه الصلاة والسلام: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه" ولم يقل عليه الصلاة يمسلمانه لأن الطفل مولود على الإسلام، والمتكلمون أو جبوا النظر والاستدلال بطريق خاص وضعوه ومنعوا حصول المعرفة للخالق سبحانه وتعالى قبل النظر في الآيات الكونية والنفسية، ومن باب أولى لا يكون فيها ميل إلى عبادة الله عز وجل أو محبته أو تعظيمه. فالقلوب ليست مفطورة على المعرفة وإنما المعرفة تنشأ بالاستدلال، وهذا الخلط والبعد عن الصواب ناتج عن عدم إدراكهم أن المعرفة ثابتة في القلوب، وأنها مما فطر عليها الخلق وأن البحث عنها إنما هو من باب تحصيل الحاصل وأن الأنبياء إنماجاءوا بدعوة الناس إلى العبادة، ولم يدعوهم إلى المعرفة ولا إلى وسائلها