للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلتها تأويلا، ولم يحرفوها عن مواضعها تبديلا، ولم يبدوا لشيء منها إبطالا، ولا ضربوا لها أمثالا، ولم يدفعوا في صدورها وأعجازها، ولم يقل أحد منهم يجب صرفها عن حقائقها وحملها على مجازها، بل تلقوها بالقبول والتسليم، وقابلوها بالإيمان والتعظيم، وجعلوا الأمر فيها كلها أمرا واحدا، وأجروها على سنن واحد، لم يفعلوا كما فعل أهل الأهواء والبدع حيث جعلوها عضين، وأقروا ببعضها وأنكروا بعضها من غير فرقان مبين، مع أن اللازم لهم فيما أنكروه كاللازم فيما أقروا به وأثبتوه"١. ولذا يرى عمر إجماعهم حجة وهو الحق، فهم الفرقة الناجية، والطائفة المنصورة.

أما ما يتعلق بالأحكام فيظهر مما أثر عن عمر أنه كان يعتصم بسنتهم كذلك، ويرجع إلى أقوالهم عند النزاع، وهذا ما دل عليه الحديث الشريف: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ... " فعض عمر على سننهم بالنواجذ، وأخذ بها في الحكم على أهل القبلة وأهل العهد، كما أخذ بها في العبادات، والمعاملات، وقد أولى الخليفة الأول والثاني أبابكر وعمر جل اهتمامه، وعدَّ الأخذ بسنتهم أخذًا بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم كما أخذ بسنة الخليفة الثالث فور سماعه وطبَّق تلك السنة، واعتصم بسنة الخليفة الرابع في معاملة الخوارج حيث ناظرهم وكتب إليهم فلما


١ انظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم ١/٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>