للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمهم أن الآثار المنقولة عن عمر بن عبد العزيز في النهي عن المراء والجدال والأخرى التي تفيد إباحته بل تصرح بجوازه وقيامه بمناظرة الخوارج والقدرية وغيرهم إنما هي في ضوء ما صرحت به نصوص الكتاب والسنة وأقوال السلف رحمهم الله تعالى. فقد كان عمر حاكما عالما عاملا بما علم فجمع بين النصوص وتوسط في الأمور كلها ومنع من الخصومات في الدين إذا كان ذلك يؤدي إلى نصرة الباطل وإظهاره في صورة تحببه إلى النفوس والقلوب وجادل بالعلم على بصيرة من أمره فلم يترك لمبطل سبيلا ولا لمؤوّل طريقا فجمع بين الحسنيين، وقد تبين من خلال الآثار المنقولة عنه أن الجدال والمراء ليس مذموما على الإطلاق، وإنما الممنوع منه ما تقدم بيانه، والمحمود منه ما قام به هو من مجادلة الخوارج وغيرهم كالشيعة والقدرية.

وقد بين علماء السلف في مؤلفاتهم في القديم والحديث هذه المسألة واستوفوا الحجج ووجهوا ما استشكل من الأدلة مثل ما قام به ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله ١، والخطيب البغدادي في كتابه الفقيه والمتفقه٢، وشيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة والفتاوى وغيرها. ومن المعاصرين الشيخ الدكتور بكر أبو زيد في كتابه "الرد على


١ في باب إتيان المناظرة والمجادلة وإقامة الحجة ٢/٩٥٣-٩٧٤.
٢ في باب ذكر ما تعلق به من أنكر المجادلة وإبطاله ص٢٣٠-٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>