الخوارج حتى يكتب إلى ولاته الكتب محذرا فيها من البدء بالعدوان وأن لا يحركوهم حتى يسفكوا دما ويفسدوا في الأرض، كما يكتب إلى الخوارج أيضا ليرسلوا إليه من يناظره ويجادله ويناقشه في الوصول إلى الحق، فلما أعذرهم وتبين للناس ضيق أفقهم في الجدال وتعصبهم المقيت، وأبوا إلا القتال وحلقوا رؤوسهم وتمادوا ومع ذلك فلم يأمر بقتالهم إلا بعد أن سفكوا الدم وأخذوا الأموال وقطعوا السبيل، فحينذاك أمر بقتالهم، ولكنه مع ذلك لا ينسى أنهم مسلمون، وإن كانوا معتدين، فيكتب إلى واليه بحكم البغاة أن لا يقتل أسيرا ولا يجهز على جريح ولا يقتل النساء والصبيان.
وهذه هي سنة رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في معاملة الخوارج. روى البيهقي في معرفة السنن والآثار عن الشافعي قال: بلغنا أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بينا هو يخطب إذ سمع تحكيما من ناحية المسجد لا حكم إلا لله. فقال: علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا حكم إلا لله كلمة حق أريد بها باطل لكم علينا ثلاث. لا نمنعكم مساجد الله أن يذكر فيها اسم الله، ولا نمنعكم الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا ولا نبدؤكم بالقتال١.