للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحقا ما أبلغ عنك؟ قال الراوي فسكت لأنه كان يعرف ما حصل له في المرة السابقة ولكن عمر رحمه الله يطمئنه حبا له في الهداية والاستقامة فقال له: هات فإنك آمن فإن يك الذي تدعو الناس إليه حقا فأحق من دعا إليه الناس نحن، هات. فأسكت غيلان قليلا ثم رد ما كان قد كتبه إلى عمر سابقا من أن الله لا يوصف إلا بالعدل ولا يكلف نفسا إلا وسعها وإلا ما آتاها وأن العباد لهم مشيئة مستقلة لأن الله تعالى قال: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر} ١،ولأن الله يقول: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُم} ٢، فتركه عمر حتى انتهى ثم أمره بقراءة بداية سورة يس الآيات التي تبين مشيئة الله وقدرته النافذة وأن كل شيء لا يخرج عن قدرته وإرادته ومشيئته حتى وصل إلى قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} ٣، وبعد قراءة هذه الآيات التي تدل على أن الله هو الهادي وهو المضل إذا شاء وليس للعباد مشيئة مستقلة خارجة عن مشيئة الله.. ولا شك أن الحق يزهق الباطل فيسكت غيلان بخبث ولكن عمر يلح عليه لإظهار


١ الآية ٢٩ من سورة الكهف.
٢ الآية ٤٠ من سورة فصلت.
٣ الآيات ١-١٠ من سورة يس.

<<  <  ج: ص:  >  >>