للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكل جرأة: نعم يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل قال: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ... } الآيات مستدلا بها على أن الإنسان هو الذي إذا شاء اهتدى وإذا شاء ضل، فألجمه عمر جوابا بقوله إقرأ آخر السورة {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} ١.

وبعد هذا الجواب المفحم، والحجة الدامغة، لا مفر لغيلان إلا النفاق، وإظهار التوبة والإصرار على القول بالقدر، فقال له عمر ما تقول يا غيلان؟ قال: أقول: قد كنت أعمى فبصرتني، وأصم فأسمعتني، وضالا فهديتني، وكأن عمر يحس بأن هذه الكلمات المعسولة لا تنم عن الواقع بشيء فعلق على عبارات غيلان بقوله: اللهم إن كان عبدك صادقا وإلا فاصلبه٢.

ولكن لم ينته غيلان عن قوله، ولعل المعاملة الحسنة التي لقيها من عمر شجعته على القول بالقدر فيدخل على عمر مرة أخرى فيوبخه عمر بقوله ويحك ياغيلان أراني أبلغ عنك ويحك يا غيلان أراني أبلغ عنك، أيا غيلان


١ الآيتان ٣٠- ٣١ من سورة الإنسان.
٢ انظر الشريعة ص٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>