للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وأصل بدعتهم كانت من عجز عقولهم عن الإيمان بقدر الله، والإيمان بأمره ونهيه، ووعده، ووعيده، وظنوا أن ذلك ممتنع، وكانوا قد آمنوا بدين الله وأمره، ونهيه، ووعده، ووعيده، وظنوا أنه إذا كان كذلك لم يكن قد علم قبل الأمر من يطيع ومن يعصي، لأنهم ظنوا أن من علم ما سيكون لم يحسن منه أن يأمر وهو يعلم أن المأمور يعصيه ولا يطيعه، وظنوا أيضا أنه إذا علم أنهم يفسدون لم يحسن أن يخلق من يعلم أنه يفسد. وكانوا يقولون: لا إرادة إلا بمعنى المشيئة وهو تعالى لم يرد إلا ما أمر به، ولم يخلق شيئا من أفعال العباد"١.

ويبدو أن غيلان قد أصر على أفكاره الخاطئة، وقد ناظره عمر واستتابه فيما كان يذهب إليه من القول بالقدر عدة مرات، والنصوص التي بين أيدينا لا تفيدنا الترتيب الزمني على وجه الدقة واليقين، وذلك لاختلافها في الألفاظ والمدلولات، ولعل عمر لما سمع وتأكد من إنكار غيلان القدر، حجبه وحبسه في السجن أياما، ثم أمر بإدخاله عليه ليرى ما موقفه مما نسب إليه، فاستفسره بقوله: "غيلان ما هذا الذي بلغني عنك، وكان صاحب حرس عمر يعلم ما يكنه غيلان من القول بالقدر، فأشار عليه بأن لا يقول شيئا ولكنه أصر على القول بما كان يدعو إليه فقال


١ مجموع الفتاوى ١٣/٣٦- ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>