للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنكم ذكرتم أنه بلغكم أني أقول: إن الله قد علم ما العباد عاملون، وإلى ما هم صائرون، فأنكرتم ذلك علي وقلتم: إنه ليس يكون ذلك من الله في علم حتى يكون ذاك من الخلق عملا، فكيف ذلك كما قلتم؟ والله تعالى يقول: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} ١، يعني عائدين في الكفر، وقال تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} ٢، فزعمتم بجهلكم في قول الله تعالى {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} ٣، أن المشيئة في أي ذلك أحببتم فعلتم من ضلالة أو هدى. والله تعالى يقول: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ٤، فبمشيئة الله لهم شاءوا ولو لم يشأ لم ينالوا بمشيئتهم من طاعته شيئا قولا ولا عملا، لأن الله لم يملك العباد ما بيده، ولم يفوض إليهم ما يمنعه من رسله. فقد حرصت الرسل على هدي الناس جميعا، فما اهتدى منهم إلا من هداه الله، ولقد حرص إبليس على ضلالتهم جميعا فما ضل منهم إلا من كان في علم الله


١ الآية ١٥ من سورة الدخان.
٢ الآية ٢٨ من سورة الأنعام.
٣ الآية ٢٩ من سورة الكهف.
٤ الآية ٢٩ من سورة التكوير.

<<  <  ج: ص:  >  >>