للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالله أعز في قدرته وأمنع من أن يملك أحدا١ إبطال علمه في شيء من ذلك، فهو مسمى لهم بوحيه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أو أن يشرك في خلقه أحدا، أو يدخل في رحمته من قد أخرجه منها أو يخرج منها من قد أدخله فيها، ولقد أعظم بالله الجهل من زعم أن العلم كان بعد الخلق بل لم يزل الله وحده بكل شيء عليما وعلى كل شيء شهيدا، قبل أن يخلق شيئا، وبعد ما خلق لم ينقص علمه في بدئهم، ولم يزد بعد أعمالهم، ولا بجوائحه٢ التي قطع بها دابر ظلمهم ولا يملك إبليس هدي نفسه ولا ضلالة غيره، وقد أردتم بقذف مقالتكم إبطال علم الله في خلقه وإهمال عبادته وكتاب الله قائم ينقض بدعتكم وإفراط قذفكم، ولقد علمتم أن الله بعث رسوله والناس يومئذ أهل شرك فمن أراد الله له الهدى لم تَحُلْ ضلالته التي كان فيها دون إرادة الله له، ومن لم يرد الله له الهدى تركه في الكفر ضالا، فكانت ضلالته أولى به من هداه فزعمتم أن الله أثبت في قلوبكم الطاعة والمعصية وأن الله خلو من أن يكون يختص أحدا برحمته، ويحجز أحدا عن معصيته، وزعمتم أن الشيء الذي بقدر إنما هو عندكم اليسر والرخاء، والنعمة، وأخرجتم منه


١ هكذا في المخطوط والمطبوع، ولعله: أحدٌ.
٢ تصحيح من المخطوط وفي المطبوعة بحوائجه وهو خطأ. انظر: ٥/٣٤٨ الحلية، والجوائح: المصائب.\

<<  <  ج: ص:  >  >>