للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في سابق علمه لآدم قبل أن يخلقه: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} ١، فصار إلى ذلك بالمعصية التي ابتلى بها، وكما كان إبليس في سابق علمه أنه سيكون مذموما مدحورا وصار إلى ذلك لما ابتلي به من السجود لآدم فتلقى آدم التوبة فرحم، وتلقى إبليس اللعنة فغوى ثم أهبط آدم إلى ما خلق له من الأرض مرحوما متوبا عليه وأهبط إبليس بنظرته مدحورا مذموما مسخوطا عليه، وقلتم أنتم أن إبليس وأولياءه من الجن قد كانوا ملكوا رد علم الله والخروج من قسمه الذي أقسم به إذ قال: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} ٢، حتى لا ينفذ علم إلا بعد مشيئتهم فماذا تريدون بهلكة أنفسكم في رد علم الله؟؟؟ فإن الله عز وجل لم يشهدكم خلق أنفسكم فكيف يحيط جهلكم بعلمه، وعلم الله ليس بمقصر عن شيء هو كائن، ولا يسبق علمه في شيء فيقدر أحد على رده، فلو كنتم تنتقلون في كل ساعة من شيء إلى شيء هو كائن لكانت مواقعكم عنده، ولقد علمت الملائكة قبل خلق آدم ما هو كائن من العباد في الأرض من الفساد وسفك الدماء، فيها وما كان لهم في الغيب من علم، فكان في علم الله الفساد وسفك الدماء. وما قالوا تخرصا


١ الآية ٣٠ من سورة البقرة.
٢ الآية ٨٤- ٨٥ من سورة ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>