للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحجبها الجمود وتطمسها موروثات الآباء والأجداد، حتى تظهر الحقيقة حية ثابتة في تصميم هذا الكون وفي أغوار النفس واضحة قوية لا يملك لمعاند معها مراء ولا جدالا, فتنطق وقد صفيت من الركام المعنكب {خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} ١.

وهكذا تبرز طريقة القرآن في منهاج التفكير متسقة مع الفطرة الإنسانية مغايرة لمقولات المناطقة الفاسدة فلا تستطيع أن تجعل آية دالة على الخلق دون القصد, ولا آية دالة على القصد دون العناية ولا آية دالة على العناية دون التدبير للرحمة والرأفة بالعباد، وأن مجرد إثبات الخلق إلى الله يكفي في إثبات القصد والترابط والعناية والتدبير.

{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ} ٢.

{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ} ٣.

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ} ٤.

فكل آية في كتاب الله جل شأنه سيقت لإثبات الوحدانية في الذات هي دليل كوني ودليل رباني، ودليل استعلائي.

وتلك صفة ممتازة للأسلوب القرآني بالإضافة إلى أنه يتوجه إلى:

١- العقل يوقظه عن طريق استجاشة الفطرة.


١ راجع حول هذا في ظلال القرآن ج٢٠ ص٨-١٧ ط ثالثة بيروت.
٢ الآية رقم ١٦ من سورة الأنبياء.
٣ الآية رقم ٣٨ من سورة الدخان.
٤ الآية رقم ١٧ من سورة "المؤمنون".

<<  <   >  >>