للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكم من شيء في اللحظة الواحدة يلج في الأرض ويخرج منها وكم من شيء في اللحظة الواحدة ينزل من السماء ويعرج فيها؟

لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض إنه وصف أعلى من مستوى تفكير البشر فأنى لهم أن يتحدثوا عن شمول العلم وإحاطته ودقته بمثل ما صورته هذه الآيات وأنها لتدل بألفاظها وأبعادها البعيدة في آفاق الكون والنفس إن الذي يصف نفسه ويصف علمه بما يعلم من الأوصاف التي لا تخطر للبشر على بال١ واحد في كل شيء فهل ما يعبدون من دون الله لهم شيء من هذا؟ كلا, إنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير} .

لا تدركه الأبصار:

لم يوهب الإنسان قدرة على إدراك ذات الله ذلك لأن الحادث الفاني بتركيبه يعجز عن أن يرى الأزلي الأبدي. ووظيفة الإنسان على الأرض هي عمارتها باسم الله, وتلك الوظيفة قد أعين عليها الإنسان ووهب مستلزماتها, ورؤية الله لا تدخل في هذه المستلزمات, ويستمر هذا الدليل في كل عصر باقيا قويا مقنعا, ففي العصر الحديث يكثر الحديث عن الذرة وعن الكهرباء والبرتون والنيوترون ولكن واحدا منهم لم ير ذرة ولا كهربا ... إلخ. فالجهاز المكبر الذي يضبط هذه الكائنات ليراها المتحدثون جميعا لم يوجد بعد ومع هذا فهي مسلمة لهم مع أن الذرة حادثة والكهرب حادث وهي قوانين مودعة في الكون كل ما يفعله الإنسان أن يكتشفها فقط ومع وجودها فهم


١ ظلال القرآن ج٢٢ ص٦٠.

<<  <   >  >>