لقد عاش معهم الحياة الاجتماعية في مستواها العفيف.
وعاش معهم الحياة السياسية في مستواها العادل الواضح.
وعاش معهم الحياة الاقتصادية في مستواها الأمين الحلال.
ومع هذا فما سجد لصنم قط، ولا حلف باللات والعزى، ولا احتفل بعيد لهم, ولا شرب لهم خمرا, ولا طعم لهم ذبيحة ذبحوها على النصب١.
لقد عصمه الله جل شأنه منذ اختاره لهداية البشر رسولا مبشرا ونذيرا.
لقد كانت لديه ممارسة كاملة بالجانب الرفيع من ثقافة المجتمع, وكانت عنده حصانة فطرية لا يقدر معها على الانجذاب إلى ثقافة لا تتفق مع سويته التي خلق ليكون للعالمين نذيرا.
فهو لم يندمج كليا فيغامس حياة المجتمع كلها.
ولم ينعزل عنها فيجهلها كلها.
لقد كان موجودا في أوساطها لا في وسطها, فهو في المجتمع يشترك مع فضليات الأخلاق, وعظام الأمور, وهو في المجتمع يرى وينأى عن شرور البشر.
١ تاريخ الأمم الإسلامية ج١ ص٦٥ الشيخ محمد الخضري ط ثامنة ١٣٨٢هـ, ابن هشام ج١ ص١٨٣, الطبقات الكبرى لابن سعد ج١ ص١٥٥, الدلائل للبيهقي ج١ ص٣١٣-٣١٥, السيرة لابن كثير ج١ ص٢٥٠-٢٥٢, راجع الخصائص الكبرى للسيوطي ج١ ص٢٢١-٢٢٦، ٢٢٧-٢٤٦, الشفا شرحي: نسيم الرياض وعلي القاري ج٣ ص٢٧٩-٢٨٠.