للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنضر بن الحارث اللبيب المتفيهق, وهو من أشد الأعداء للإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام تزلزله جاذبية الاستقطاب, فيقول في حيرة وغيظ وكمد:

يا معشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمر ما أتيتم له بحيلة بعد، فقد كان محمد فيكم غلاما حدثا أرضاكم فيكم, وأصدقكم حديثا, وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب، وجاءكم بما جاءكم به قلتم: ساحر، لا والله ما هو بساحر لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم، وقلتم: كاهن لا والله ما هو بكاهن لقد رأينا الكهنة وتخالجهم، وسمعنا سجعهم، وقلتم: شاعر والله ما هو بشاعر، قد رأينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها هزجه ورجزه، وقلتم: مجنون لا والله ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون فما هو بحنقه ولا وسوسته ولا تخليطه، يا معشر قريش! فانظروا في شأنكم فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم١.

هكذا كان عمق الاستقطاب في النفوس تصديقا وجدانيا داخليا متفقا عليه من جميع الكافرين.

إنه ليس مجنونا ولا كاهنا ولا شاعرا ولا ساحرا. ولكنهم مع هذا الانجذاب الوجداني يكابرون ويجادلون بالباطل, ولكن القافلة تسير غير آبهة بمعوق.

قدم ضماد مكة, وهو رجل من أزد شنوءة, وكان يرقي من الرياح فسمع سفهاء الناس يقولون: إن محمدا مجنون فقال: آتي هذا الرجل


١ ابن هشام ج١ ص٢٩٩، ٣٠٠، دلائل النبوة للبيهقي ج١ ص٤٤٨، ٤٤٩ الشفاء ج٢ ص١١٠، ١١١.

<<  <   >  >>