للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معينة من صور النصر أو صور الخير التي تريدها نفسه, بل إنه ليكل كل شيء إلى جناب الله صاحب الملك والتصرف, ويلتزم ويتلقى كل ما يمليه عليه أنه خير, وذلك وحده نصر على الهوى والذات والشيطان, وهو النصر الداخلي الذي لا يتم نصر خارجي بدونه١، وأساس ذلك النصر الداخلي هو الصبر الطويل واحتمال الشدائد حسبة لوجه الله الكريم، ويضرب القرآن الكريم في العهد المكي لهذه المعاني مثلا أصحاب الأخدود في سورة البروج.

{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ، إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ، وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ، وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} ٢.

لقد استحق أصحاب الأخدود هذا الغضب من الله في حالة السلطان الذي كانوا يملكونه, وهذه صورة ظاهرة لمفهوم نصر الكافرين, ولكنها صورة الهزيمة المنكرة.

وكانت صورة المؤمنين الظاهرة صورة هزيمة, ولكنها في الحقيقة واحدة من صور النصر, فوزن الحادثة وما استحقته من نقمة وغضب لم ينته بعد, فوراءه حساب الله الكبير المتعال.

وتبقى في التاريخ روعة الإيمان المستعلي على الفتنة المنتصر بالعقيدة على الطغيان.


١ راجع في ظلال القرآن ج٢٤ ص٧٩-٨١.
٢ الآيات من رقم ٤-٨ من سورة البروج.

<<  <   >  >>