للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبقى تجرد المؤمنين من لذائذ الحياة نصرا فوق الشهوة ويبقى استعلاؤهم فوق الآلام نصرا على قوة المعتدين.

ومن هنا فإن بلاء الدعوة في العصر الحديث هو تكرار هذا السؤال: متى نصر الله؟

إن قيم الجهاد لا ترتبط بثمن يقبض أو رجاء ينتظر، إن قيم الجهاد هي فقط لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.

وإنه من الخطأ أن يفهم الدعاة أن معنى النصر هو تحقيق مطالب الحياة بالحكم أو بالجاه أو بالمال، إنه من الخطأ أن يجعل الدعاء موازين النصر موازين الأرض المحدودة السطحية الفانية، بل إن المعنى الذي يجب أن يفهم عن النصر هو المعنى الذي تقدمه سورة "أصحاب الأخدود" الذين انتصرت أرواحهم على الخوف والألم, وانتصرت أجسادهم على جاذبية الحياة ونعمها.

وانتصرت قلوبهم على الفتنة الطاغية, فكانوا شرفا للجنس البشرى كله. ذلك ما تحتاجه الدعوة والداعية في العصر الحديث, وذلك ما طبقته طلائع التبشير هنا في منطقة جنوب شرقي آسيا, إذ يعيش الواحد منهم أربعين عاما في قرية صغيرة في الغابات يعيش معهم بخلق طيب ويقدم لهم المساعدات ويدعوهم في رفق ويستقطبهم حوله حتى يحبوه, ثم يجعلهم بعد ذلك مسيحيين.

ولقد شاهدت في يناير سنة ١٩٧١ أثناء السيول التي اجتاحت عاصمة ماليزيا "كوالا لمبور" رجال الكنيسة من المبشرين وهم

<<  <   >  >>