للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي لحظة الكرب تبدو طبيعة الداعية أن أمره كله لله وأمره كله خير فهو يفعل ما يؤمر به وينفذ ما جاءه, أما أن يستجيب الناس فتلك مشيئة الله. وتبدو طبيعة الداعية وقد ارتبطت بالجو الرباني يدعو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعاءه الخاشع بكلماته الرخية التي ترطب الفؤاد، وتحل فيه السكينة، وتذهب عن القلب همومه:

"اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس. يا أرحم الراحمين! أنت أرحم الراحمين، وأنت رب المستضعفين، إلى من تكلني؟ إلى عدو بعيد يتجهمني, أم إلى صديق قريب ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي غضبك, أو يحل بي سخطك لك العتبى حتى ترضى, ولا حول ولا قوة إلا بك" ١.

وتظهر كذلك طبيعة الداعية وصفاء نفسه وارتفاعها فوق الآلام, وعفوها عن كل زلات المحجوبين عن رحمة الله.

لقد استجاب الله لدعاء نبيه الكريم, وجاء ملك الجبال ليدمرها على ثقيف, ولكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يحنو عليهم ويرأف بهم, فيقول في عفو كريم:

"بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا شريك له"،


١ المواهب ج١ ص٣٥٤، ٣٥٥، الكامل في التاريخ ج٢ ص٩١، ٩٢، الوفا ج١ ص٢١٣.

<<  <   >  >>