للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خزائنه ولا تستخفهم زينته, بل يتطلعون إلى ثواب الله, ويعلمون أنه خير وأبقى, ثم تتدخل يد الله فتخسف بقارون وبداره الأرض لا يغني عنه ماله ولا يغني عنه علمه, وتتدخل تدخلا مباشرا سافرا واضحا كما تدخلت في أمر فرعون, فألقته في اليم هو وجنوده, فكان من المغرقين.

وإذن فإلى أين يتجه كفار مكة بثرائهم وأموالهم؟

ومن يحميهم أن تخطفهم الناس من حول البيت العتيق؟

لقد ساق الله لقريش ومن يسير على دربها هذا النموذج ليبين الله أين يكون الأمن وأين تكون المخافة؟ ويعلم الله البشر أن الأمن إنما هو في جوار الله, ولو فقدت كل أسباب الأمن الظاهرة التي تعارف عليها الناس.

وإن الخوف إنما هو في البعد عن جوار الله, ولو تظاهرت أسباب الأمن التي تعارف عليها الناس وجاءت قصة قارون في سورة القصص تقرر وتؤكد هذه الحقبة في صورة الغرور بالمال والعلم الزائف١، فبقي ذلك نموذجا دائما لعلامات الطريق.

٢- في مواجهة الثراء والمادة:

وها هو ذا صاحب الجنتين في سورة الكهف المكية تمتلئ نفسه بهما زهوا, فينفض كالديك ويختال كالطاووس ويتعالى على صاحبه الفقير {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} ٢.


١ راجع في ظلال القرآن ج٢ ص٣٥-٣٧.
٢ الآيات من رقم ٣٤ من سورة الكهف.

<<  <   >  >>