للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكلمة الدعوة هي أحسن كلمة تقال على وجه الأرض, وتصعد إلى الله في مقدمة الكلم الطيب, ولكن شرط ذلك العمل الصالح الذي يصدق الكلمة, ويكون لها دليلا, ثم استسلاما تتوارى مع الذات, والأماني حتى تصبح الدعوة وحدها خالصة لله ليس للداعية فيها شيء غير التبليغ, ولا على الداعية بعد ذلك أن تتلقى كلمته بالإعراض أو بسوء الأدب أو بالإنكار, فهو إنما يتقدم بالحسنة ويضيء الطريق ويحنوا على المحجوبين المطموسين، ويعطف عليهم، ويود لهم رحيقا سلسبيلا يروي ظمأ قلوبهم، ويجلو صدأ نفوسهم، ويرجعهم إلى الله، فهو إذن في المقام الرفيع فلا تستوي حسنته إذن بسيئات العميان, ولذا فقد علم القرآن هذه الجماعة ألا ترد على سيئات القوم إلا بحسنات الأبرار.

وهذه الجماعة الأولى التي تعهدها القرآن الكريم والرسول العظيم بهذه التربية كانت سمات وخصائص قيادية تدربت عليها وتعلمتها حتى إذا انتقلت إلى طور آخر من أطوار الجهاد في تبليغ الدعوة لم تحتج إلى تنظيم, فقد كانت مرحلة مكة مرحلة الإعداد والتربية، وكان من مقدمات هذه الخصائص قوله تعالى:

{فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ، وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ،

<<  <   >  >>