للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} ١.

لقد كانت البشرية في حاجة إلى قيادة راشدة تنقذ الناس من الجاهلية العمياء التي كانت تخوضها لا سيما بعد أن تفرق الذين أوتوا الكتاب واختلفوا لا عن جهل بما أنزل الله إليهم بل عن معرفة ويقين، ولكنهما اختلفوا بغيا بينهم وحسدا فضلوا وأضلوا, فاحتاجت البشرية إلى قيادة جديدة راشدة، تأخذ بيدها إلى العروة الوثقى إلى الصراط المستقيم، وتقود ركب الحياة إلى طريق السعادة ورضوان الله ورحمته, وكانت الجماعة الإسلامية في مكة هي القافلة التي أعدت وربيت وجهزت لتحمل هذا الشرف, وجاءت هذه الآيات المكية في سورة الشورى تصور خصائص هذه الجماعة التي ولاها الله سبحانه وتعالى مهمة هذا الإصلاح، ومع أن هذه الآيات مكية نزلت قبل قيام الدولة لكننا نجد أن مميزات الجماعة هنا لتحمل خصائص المجتمع الذي ستبنيه هي, ستبنيه بما لديها من أخلاق ومعرفة وسلوك وتطبيق أبرزت به العبودية الخالصة لله وأعلنت به سمات المجتمع الذي سيولد في المستقبل إن شاء الله.

نجد في هذه الآيات المكية {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} مما يوحي أن وضع الشورى في حياة الجماعة الإسلامية أعمق من مجرد كونها فكرة سياسية، فالشورى طابع أساسي للجماعة الإسلامية كلها،


١ الآيات من رقم ٣٦-٤٠ من سورة الشورى.

<<  <   >  >>