للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا مجاملة في العقيدة ولا ضعف أمام المجتمع المنحرف.

وهكذا يعلم القرآن الإنسانية في هذا الفجر السحيق أن الآصرة الباقية المحترمة هي آصرة العقيدة وأن القيمة الأولى في موازين العلاقات الإنسانية هي قيمة الإيمان.

فأعلن إبراهيم استنكاره لما يفعله أبوه وقومه بل وما يفعله آباؤهم الأقدمون، أن كل شرك هو عدو لإبراهيم ويجاهر عليه السلام بهذه العداوة لآلهتهم وعقيدتهم هم وآباؤهم الأقدمون.

{إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} فقد كان في الآباء الأقدمين بعض آمن بالله فاستثنى لذلك احتياطا حتى لا ينسحب الحكم على كل ما عبد الأولون المؤمنون الموحدون, ثم هو تحديد للربوبية التي تعهد أنها خاصة برب العالمين {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى، وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} ، ويأخذ سيدنا إبراهيم في وصف هذا الرب الذي يدبر الأمر كله وهو موئل كل حجة وإليه المرجع والمصير في كل شيء.

{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} ، هو أعلم بي وبتكويني ومشاعري وحالي ومآلي فهو إذن الذي يهبني الهداية إلى الدين القويم وإلى المنهاج الذي ينبغي أن أسير عليه ليس الآباء الأقدمون هم الذين يهبوننا طريقة التدين أو الصراط السواء.

{وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} ، فهو الكفيل الحاني الرءوف الودود البر الرحيم يهب وسائل الحياة كلها.

{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} ، إذا لحقني مرض فإنما الشفاء من عنده هو وذلك نموذج لإعلان مفهوم الاعتقاد، فقد نسب إلى الله

<<  <   >  >>