للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما تشير إلى معاناة هذه الطبقة المعدمة التي كانت تنتظر خلاصا ربّما اعتقدت أنها وجدته في النفس الزكيّة، وقد رأى ابن أبي سبرة [١] أنهم إنّما أخرجتهم الحمية [٢].

وينسب إلى رؤوس السودان قولهم إنهم ما قاموا إلا أنفة لمواليهم ممّا حلّ بهم على يد العباسيّين [٣].

إزاء هذا الوضع السائد في الحجاز وبسبب تشتّت فئات المعارضة وتوزّع الطالبيين أنفسهم على عدد من البلدان والأمصار، يجد الدارس نفسه متسائلا عن السبب أو الأسباب التي حدت بالطالبيين لإعلان الثورة قبل أن يتمّ الاعداد لها بشكل جيّد ومنظّم. ثم لماذا الحجاز بالذات، خاصة أنّ العباسيين كانوا قد ضبطوا الوضع فيه إثر ثورة النفس الزكيّة واستمالوا أهله واستوعبوا الأشراف في مناصب الدولة؟.

[٧. ثورة فخ]

يذكر اليعقوبي أن «موسى [الهادي] ألحّ في طلب الطالبيين وأخافهم خوفا شديدا وقطع ما كان المهدي يجريه لهم من الأرزاق والأعطية وكتب إلى الآفاق في طلبهم وحملهم، فلما اشتدّ خوفهم وكثر من يطلبهم ويحث عليهم فعزم الشيعة وغيرهم إلى الحسين بن علي. . .» [٤].

وكان بين خروج الحسين بن علي وتولّي الهادي حوالي عشرة أشهر [٥]، مما يعني أن الهادي ابتدأ حكمه بتغيير سياسة المهدي تجاه الطالبييّن وبالتضييق عليهم.


[١] كان قد خرج مع النفس الزكيّة وقدم عليه بصدقات أسد وطيء إذ كان يليها، فحبسه عيسى بن موسى ثم أطلق واستقضاه المنصور. نسب قريش للمصعب ٤٢٨ - ٤٣٠؛ وتاريخ الطبري ٧/ ٦٠٥,٦٠٩ - ٦١٠ (-٣/ ٢٥٩,٢٦٥ - ٢٦٦).
[٢] تاريخ الطبري ٧/ ٦١٢ (-٣/ ٢٦٨).
[٣] تاريخ الطبري ٧/ ٦٠٩ - ٦١٤ (-٣/ ٢٦٥ - ٢٧٢).
[٤] تاريخ اليعقوبي ٤٨٨.
[٥] توفي المهدي لثلاث بقين من محرم سنة ١٦٩/ ٧٨٥ وكان خروج الحسين في ذي الحجّة من السنة؛ وانظر تاريخ الطبري ٨/ ١٧١,١٩٢ (-٣/ ٥٢٦,٥٥١).

<<  <   >  >>