للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هل نستطيع أن نخرج من كل هذا أنّ البلوي كان ذا ميول زيديّة. وإن لم تكن واضحة تمام الوضوح في رسائله؟ لقد نبّهت الدكتورة قاضي إلى أن البلوي كان قد «أبعد قسريا» عن خدمة الدولة، ورغم ذلك فقد استطاع أن يظلّ امرأ ذا نفوذ بعد الخروج من السلطة بمعنى أنّه كان يكاتب ليؤخذ رأيه في أمور الولاة [١]؛ وممّن كاتبه الشافعي ويحيى البرمكي. هل كان «إبعاده القسري» إذن بسبب من ميوله الزيديّة؛ وهل هذه الميول العلوية هي التي كانت تجمعه بالشافعي والتي حدت بالأخير أن يكتب للبلوي إثر سعاية الزبيري به في المدينة؟ إذا كان افتراضنا صحيحا فإنه يفسّر لنا رأي البلوي السلبي في عبد الله بن مصعب وحقده الشديد عليه وعلى الزبيريين عامّة.

لنعد إلى مصير يحيى بن عبد الله بعد هذه الوقفة التي وقفناها لنناقش مسعى عبد الله بن مصعب الزبيري وابنه بكار ضده والتي كانت سببا مباشرا في سجنه وموته/مقتله.

[١٠.٦. نقض الأمان وسجنه]

تجمع المصادر أن يحيى بن عبد الله بقي في سجن هارون بالرقّة بعد هذه السعاية. وتقرن موت عبد الله بن الزبير (يوم الأحد لثلاث بقين من شهر ربيع الأوّل سنة ١٨٤/ ٨٠٠، كما ذكر ابنه [٢] بيمين غموس أمرّها عند تحليف يحيى إيّاه في حضرة الرشيد أنّه لم يقل أشعارا في التحريض على العباسييّن عند خروج النفس الزكيّة [٣]. وقد عمل الرشيد على الاحتيال لإيجاد وجه ينقض به الأمان الذي أعطاه ليحيى فعرضه على كبار فقهاء بلاطه محمد بن الحسن الشيباني [٤] ووهب بن وهب


[١] بشر بن أبي كبار ٧٠ و ٧٣ - ٧٤.
[٢] انظر ما تقدم ص ٨٠.
[٣] أخبار فخ ٢٤٨ - ٢٤٩.
[٤] لم يقبل الشيباني بالافتاء ببطلان الأمان مما أثار حنق الرشيد عليه.

<<  <   >  >>