للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- اشتغال الجوارح بالطاعات:

إذا عمر الإخلاص قلب العبد، وتحققت أعمال القلوب من محبة الله ورسوله، والتوكل على الله والصبر له، والخوف منه والرجاء فيما عنده انطلقت الجوارح ولا بد في طاعة الله تعالى، ولا يتخلف ذلك أبدًا، وفي الصحيح: "ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" ١، فصلاح الظاهر تابع لصلاح الباطن في الأصل، والارتباط بينهما حاصل.

قال ابن القيم رحمه الله: "ومن تأمل الشريعة في مصادرها ومواردها، علم ارتباط أعمال الجوارح بأعمال القلوب، وأنها لا تنفع بدونها، وأن أعمال القلوب أفرض على العبد من أعمال الجوارح"٢.

قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} [الأنبياء: ٩٤] ، "فلا يجحد عمله ولا يخيب سعيه، بل يثاب عليه أضعافا بحسب قوة إيمانه"٣.

وقال سبحانه: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء: ١٩] .

والسعي للآخرة هو العمل بكل ما يقرب إليها ويدني منها، من الأعمال التي شرعها الله على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا تأسست على الإيمان وانبنت عليه، كان السعي مشكورا مقبولا مضاعفا، لا يضيع منه مثقال ذرة، وأما إذا فقد العمل الإيمان، فلو


١ أخرجه البخاري "٥٢"، ومسلم "١٥٩٩" من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.
٢ بدائع الفوائد لابن القيم "٣/ ٧١٠".
٣ التوضيح والبيان لشجرة الإيمان للشيخ عبد الرحمن السعدي ص٧٣.

<<  <   >  >>