هي جمهورية سلوفينيا ثم أوكرانيا في عام ١٩٩١م, ورغم اعتراض الصرب إلا أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية بادرت للاعتراف بالكيانات الجديدة، لكن هذه الدول ترددت لفترة طويلة في الاعتراف بجمهورية البوسنة والهرسك حين أعلنت استقلالها؛ مما شجع الصرب وأعطاهم نوعا من الاطمئنان للبدء بجرائمهم. وإلى جانب تحريك العواطف العدائية التاريخية ضد المسلمين، فقد كانت هناك الاعتبارات الإستراتيجية، فقد كشفت الصحف البريطانية أن بريطانيا لم ترد إضعاف الصرب؛ لأن خطتها كانت إيجاد كيانات قوية حول ألمانيا لمواجهة "طفل أوروبا المرعب" حين يبدأ التحرك!
وأمام هذه الخلفية من التعصب العرقي والحق الديني والانتهاز السياسي، اندفع الصرب في حملتهم للتطهير العرقي؛ فقاموا بقتل الرجال والنساء والأطفال بمئات الألوف، ودفنوا ضحاياهم في مقابر جماعية أو قذفوهم في مياة الأنهار. ولما كانوا يعرفون غيرة المسلمين، وحماسهم للعرض والشرف فقد اغتصبوا عشرات الألوف من الفتيات، ومنعوهن من الإجهاض بهدف إذلال المسلمين وكسر أنوفهم تحت وطأة العار. ولم يقف الأمر عند حد "تطهير الأرض من المسلمين, ولكن محو أثرهم الثقافي والديني؛ فقاموا بهدم المساجد والمكتبات والمراكز العلمية, وإحراق الكتب والمؤلفات النفيسة. كانت نتائج هذه الحرب غير العادلة احتلال "٧٠%" من أراضي البوسنة في الأشهر الأولى من المجابهة، وإحراق مئات المدن, وقتل أكثر من مائتي ألف مدني، وطرد مليون إنسان، أي: ربع سكان البوسنة, ولا يمكن وصف المجابهة بأنها حرب كلاسيكية بين جنسين, فقد كانت حربا يعتدي فيها جيش مُدَجَّج بالأسلحة على المدنيين العزل"١.
وما دمنا بصدد الحديث عن حقوق الإنسان المهدورة في قلب أوروبا، التي تدعي الغيرة على حقوق الإنسان، وفي أواخر القرن العشرين الذي يوصف بعصر الإنسانية والنور، فقد تضمن تقرير للسيد مازوسكي مندوب لجنة حقوق الإنسان الدولية الذي قدمه للجنته في تشرين الثاني ١٩٩٢م
١ من خطاب الرئيس البوسني عزت بيجوفيتش أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة "أكتوبر ١٩٩٤م".