للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يأمرون إلا بعدل؛ فيأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويأمرون بمصالح العباد في المعاش والمعاد، لا يأمرون بالفواحش، ولا الظلم، ولا الشرك، ولا القول بغير علم.

فهُم بُعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها، لا بتبديلها وتغييرها. فلا يأمرون إلا بما يُوافق المعروف في العقول، الذي تتلقاه القلوب السليمة بالقبول.

فكما أنهم هم لا يختلفون؛ فلا يُناقض بعضهم بعضاً، بل دينهم وملّتهم واحد وإن تنوّعت الشرائع١، فهم أيضاً موافقون لموجب الفطرة التي فطر الله عليها عباده، موافقون للأدلّة العقلية لا يُناقضونها قطّ. بل الأدلة العقليّة الصحيحة كلّها توافق الأنبياء لا تُخالفهم.

وآيات الله السمعية والعقلية؛ العيانية٢ والسماعية كلّها متوافقة، متصادقة، متعاضدة، لا يُناقض بعضها بعضاً؛ كما قد بُسط هذا في غير هذا الموضع٣.


١ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الأنبياء أخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد) . أخرجه البخاري في صحيحه٣١٢٧٠، كتاب الأنبياء، باب: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} . ومسلم في صحيحه ٤١٨٣٧، كتاب الفضائل، باب فضائل عيسى عليه السلام. وأحمد في المسند ٢٣٠٩، ٤٠٦، ٤٣٧، ٤٨٢.
٢ أي التي تُرى وتُشاهد.
٣ انظر كتابه درء تعارض العقل والنقل؛ فقد ألّفه رحمه الله للرد على القانون الذي ابتدعه المخالفون لمنهج أهل السنة يدّعون فيه حصول التعارض بين العقل والنقل. وقد أصّل شيخ الإسلام رحمه الله أصلاً في الرد على هذا القانون؛ وهو موافقة صريح العقل لصحيح النقل، والتلازم بينهما.
وانظر أيضاً: الرد على المنطقيين ص ٣٧٣. ومجموع الفتاوى ٦٣٠٠، ١٦٤٤٢-٤٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>