للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحقيقة هذا القول أنّ الله يُحبّ الكفر، والفسوق، والعصيان، ويرضاه١. وهذا هو المشهور من قول الأشعريّ وأصحابه٢، وقد ذكر أبو المعالي أنه أول من قال ذلك٣، وكذلك ذكر ابن عقيل٤ أنّ أوّل من قال إن الله يحب الكفر والفسوق والعصيان هو الأشعريّ وأصحابه، وهم قد يقولون لا يُحبّه ديناً، ولا يرضاه ديناً، كما يقولون: لا يريده ديناً؛ أي لا يريد أن يكون فاعله مأجوراً، وأما هو نفسه فهو محبوب له كسائر المخلوقات؛ فإنّها عندهم محبوبة له؛ إذ كان ليس عندهم إلا إرادة واحدة


١ لأنّ من جوّز إطلاق المحبة على الإرادة، فلازم قوله أنّ الله يحب الكفر ويرضاه كفراً.
انظر: مجموع الفتاوى ٨/٣٤٣.
٢ يقول أبو المعالي الجويني: "إذا تعلّقت الإرادة بنعيم ينال عبداً، فإنها تسمى محبة ورضى. وإذا تعلّقت بنقمة تنال عبداً فإنها تسمى سخطاً". الإرشاد للجويني ص ٢٣٩.
وانظر: الإنصاف للباقلاني ص ٦٩-٧٠. والتمهيد له ص ٣٨٥-٣٨٦. وانظر: مدارج السالكين لابن القيم ١/٢٢٨، ٢٥١، ٢/١٨٩. ومنهاج السنة النبوية ١/١٣٤-١٣٥، ٥/٣٦٠. وسيأتي مزيد إيضاح لهذا الموضوع، حين نقل كلام الأشعري نفسه في اللمع، في ص ٣٠١ من هذا الكتاب.
٣ انظر: الإرشاد للجويني ص ٢٣٧-٢٣٩. وانظر: أيضاً: أصول الدين للبغدادي ص ١٠٢-١٠٤. ومجموع فتاوى ابن تيمية ٨/٢٣٠. وفي منهاج السنة ٥/٣٦٠ قال: إن أبا الحسن أول من سوّى بينهما.
٤ وكان يميل إلى بعض كلام المعتزلة كما ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله درء تعارض العقل والنقل ١/٢٧٠.
وقد نقل في منهاج السنة النبوية ٥/٣٦٠ عنه قوله: (أجمع المسلمون على أن الله لا يحب الكفر والفسوق والعصيان، ولم يقل إنه يحبه غير الأشعري) .

<<  <  ج: ص:  >  >>