للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو، ولا يذهب بالسيئات إلا هو، ولا حول ولا قوّة إلا به، ولا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه.

وودّه سبحانه هو لمن تاب إليه وأناب إليه؛ كما قال: {إِنَّ الَّذِيْنَ آمَنُوْا وَعَمِلُوْا الصَّاْلِحَاْتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدَّاً} ١، وقال: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّاْبِيْنَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِيْنَ} ٢؛ فلا يستوحش أهل الذنوب، وينفرون منه كأنّهم حمرٌ مستنفرة؛ فإنّه ودودٌ رحيمٌ بالمؤمنين، يُحبّ التوابين، ويُحبّ المتطهّرين.

ولهذا قال شعيب: {وَاسْتَغْفِرُوْا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوْبُوْا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّيْ رَحِيْمٌ وَدُوْدٌ} ٣، وقال هنا: {وَهُوَ الْغَفُوْرُ الْوَدُوْدُ} ٤؛ فذكر (الودود) في الموضعين لبيان مودّته للمذنب إذا تاب إليه، بخلاف القاسي الجافي الغليظ الذي لا ودّ فيه.

الشبهة الثانية لمن ينكر المحبة

والحجّة الثانية لهم: قالوا: إنّ الإرادة والمحبّة لا تتعلّق إلا بمعدومٍ يُراد فعله؛ فإنّه لو جاز أن يُراد الموجود، وأن يُراد القديم، لجاز أن يكون العالَم قديماً مع كونه مُراداً مقدوراً؛ كما يقول ذلك من يقوله من المتفلسفة٥؛ فإنّ القائلين أنّه موجب بذاته والعالَم قديم؛ منهم من يصفه


١ سورة مريم، الآية ٩٦.
٢ سورة البقرة، الآية ٢٢٢.
٣ سورة هود، الآية ٩٠.
٤ سورة البروج، الآية ١٤.
٥ انظر: كلام الفلاسفة في هذا الموضوع في: قاعدة في المحبة - ضمن جامع الرسائل ٢٣٩٧-٣٩٨ -. والجواب الصحيح ٦٢٢-٤٥. ومجموع الفتاوى ٧٥٨٦-٥٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>