للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجماع المتكلمين إنما هو على ما ابتدعه رأس من رؤوسهم

وأصل كلامهم العقلي باطل، والإجماع الذي يظنونه إنما هو إجماعهم، وإجماع نظرائهم من أهل الكلام، ليس هو إجماع أمة محمد، ولا علمائها.

والله تعالى إنّما جعل العصمة للمؤمنين [من] ١ أمة محمد؛ فهم الذين لا يجتمعون على ضلالة ولا خطأ؛ كما ذكر على ذلك الدلائل الكثيرة٢. وكلّ ما اجتمعوا عليه فهو مأثور عن الرسول؛ فإنّ الرسول بيَّن الدين كلّه، وهم [معصومون] ٣ أن يُخطئوا كلّهم، ويضلّوا عمّا جاء به محمد. بل هم يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر؛ فلا يبقى معروفٌ إلا أمروا به، ولا منكر إلا نهوا عنه.

وهم أمّة وسط، عدل، خيار، شهداء الله في الأرض؛ فلا يشهدون إلا بحقّ؛ فإجماعهم هو على علم موروث عن الرسول، جاء من عند الله، وذلك لا يكون إلا حقّاً.

وأمّا من كان إجماعهم على ما ابتدعه رأس من رؤوسهم٤؛ فيجوز أن يكون إجماعهم خطأ؛ إذ ليسوا هم المؤمنين، ولا أمة محمد، وإنما هم فرقة منهم.


١ ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .
٢ من الأدلة على الإجماع من القرآن الكريم: قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} . [النساء ١١٥] . وكذلك قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} . [البقرة ١٤٣] .
وانظر: كلام شيخ الإسلام رحمه الله عن الإجماع في: مجموع الفتاوى ١٩١٧٣-٢٠٢، ٢٠١٠-١١، ٢٤٧-٢٤٨.
٣ في ((ط)) : معصومن.
٤ وهم فرق المبتدعة يُجمعون على ما ابتدعه جهم بن صفوان الراسبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>