للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا قيل: المعتبر من أمة محمد بعلمائها. قيل: إذا اتفقت علماؤها على شيء، فالباقون يُسلمون لهم ما اتفقوا عليه، لا يُنازعونهم فيه؛ فصار هذا إجماعاً من المؤمنين. ومن نازعهم بعلم فهذا لا يثبت الإجماع دونه كائناً من كان. أمّا من ليس من أهل العلم فيما تكلموا فيه، فذاك وجوده كعدمه.

المجتهدون الذين يعتبر بقولهم

وقول من قال: الاعتبار بالمجتهدين دون غيرهم، وأنّه لا يُعتبر بخلاف أهل الحديث، أو أهل الأصول، ونحوهم: كلامٌ لا حقيقة له؛ فإنّ المجتهدين إنْ أُريد بهم من له قدرة على معرفة جميع الأحكام بأدلّتها، فليس في الأمة من هو كذلك، بل أفضل الأمة كان يتعلم ممن هو دونه شيئاً من السنّة ليس عنده. وإن عنى به من يقدر على معرفة الاستدلال على الأحكام في الجملة، فهذا موجودٌ في كثيرٍ من أهل الحديث، والأصول، والكلام. وإن كان بعض الفقهاء أمهر منهم بكثير من الفروع، أو بأدلتها الخاصّة، أو بنقل الأقوال فيها؛ فقد يكون أمهر منه في معرفة أعيان الأدلة؛ كالأحاديث، والفرق بين صحيحها وضعيفها، ودلالات الألفاظ عليها، والتمييز بين ما هو دليل شرعيّ، وما ليس بدليل.

وبالجملة: العصمة إنّما هي للمؤمنين لأمة محمد، لا لبعضهم. لكن إذا اتفق علماؤهم على شيء، فسائرهم موافقون للعلماء. وإذا تنازعوا ولو كان المنازع واحداً، وجب ردّ ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول.

وما أحد شذّ بقول فاسد عن الجمهور، إلا وفي الكتاب والسنة ما يُبيِّن فساد قوله، وإن كان القائل كثيراً؛ كقول [سعيد] ١ في أن المطلقة ثلاثاً تباح بالعقد٢.


١ في ((خ)) : سعد. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) . وهو سعيد بن المسيب رحمه الله.
٢ انظر: قوله في المغني لابن قدامة ١٠٥٤٨-٥٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>