للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من شذ بقول فاسد عن الجمهور ففي الكتاب والسنة ما يبين فساد قولهم

فحديث عائشة في الصحيحين يدل على خلافه١، مع دلالة القرآن أيضاً٢. وكذلك غيره.

القول الذي يدل عليه الكتاب والسنة غير شاذ وإن كان القائل به واحداً

وأما القول الذي يدلّ عليه الكتاب والسنة، فلا يكون شاذّاً وإن كان القائل به أقل من القائل بذاك القول، فلا عبرة بكثرة القائل باتفاق الناس.

ولهذا كان السلف؛ من الصحابة، والتابعين لهم بإحسان يردّون على من أخطأ بالكتاب والسنة، لا يحتجون بالإجماع إلا علامة.

العلامات والدلائل التي يبين بها المرسل الرسول

وقد يبعث معه نشّابه٣، أو سيفه، أو شيئاً من السلاح المختص به، أو يُركِبَه دابّته المختصة به، ونحو ذلك مما يعلم الناس أنّه قصد به تخصيصه، وإن

كانت تلك الأفعال [تفعل] ٤ مع أمثاله، وقد يُفعل لغير الرسول ممن


١ فعن عروة بن الزبير أنّ عائشة أخبرته أنّ امرأة رفاعة القرظي جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! إنّ رفاعة طلقني فبتّ طلاقي. وإنّي نكحت بعده إلى عبد الرحمن بن الزبير القرظي، وإنما معه مثل الهدبة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعلّك تُريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته" الحديث.
رواه البخاري في صحيحه ٥٢٠١٤، كتاب الطلاق، باب من أجاز طلاق الثلاث. ومسلم في صحيحه ٢١٠٥٥، كتاب النكاح، باب لا تحلّ المطلقة ثلاثاً لمطلقها، حتى تنكح زوجاً غيره، ويطأها، ثم يفارقها وتنقضي عدتها.
وموضع الشاهد: قول امرأة رفاعة: فبتّ طلاقي: أي طلّقها ثلاثاً. وقد أجاز النبيّ صلى الله عليه وسلم هذا الطلاق، ولكنّه لم يردّها إلى زوجها الأوّل الذي طلقها ثلاثاً بمجرّد العقد على زوجٍ غيره، بل اشترط أن يطأها زوجها الجديد، فتذوق عسيلته، ويذوق عسيلتها.
٢ قال تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ... إلى قوله {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا..} . [البقرة، ٢٢٩-٢٣١] .
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ..} . [الطلاق، ١] .
٣ النُّشَّاب: النَّبل. واحدته نُشّابة. ويُطلق كذلك على السهام.
انظر: لسان العرب ١٧٥٧. وتهذيب اللغة ١١٣٧٩-٣٨٠.
٤ في ((خ)) ، و ((م)) ، و ((ط)) : يفعل. ولعل الصواب ما أثبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>