للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال البزار - رحمه الله - عن آخر أيامه، ووفاته: (ثم إن الشيخ - رضي الله عنه - بقي إلى ليلة الاثنين والعشرين من ذي القعدة الحرام، وتوفي إلى رحمة الله تعالى ورضوانه في بكرة ذلك اليوم، وذلك في سنة ثمان وعشرين وسبع مائة، وهو على حاله مجاهداً في ذات الله، صابراً، محتسباً، لم يجبن، ولم يهلع، ولم يضعف، ولم يتتعتع، بل كان - رضي الله عنه - إلى حين وفاته مشتغلاً بالله عن جميع ما سواه. قالوا: فما هو إلا أن سمع الناس بموته، فلم يبق في دمشق من يستطيع المجيء للصلاة عليه وأراده إلا حضر لذلك، وتفرغ له، حتى غلقت الأسواق بدمشق، وعطلت معايشها حينئذ، وحصل للناس بمصابه أمر شغلهم عن غالب أمورهم وأسبابهم، وخرج الأمراء والرؤساء والعلماء والفقهاء والأتراك والأجناد والرجال والنساء والصبيان من الخواص والعوام.

قالوا: ولم يتخلف أحد من غالب الناس فيما أعلم، إلا ثلاثة أنفس كانوا قد اشتهروا بمعاندته، فاختفوا من الناس خوفاً على أنفسهم، بحيث غلب على ظنهم أنهم متى خرجوا رجمهم الناس فأهلكوهم"١.

وقد صُلي على شيخ الإسلام - رحمه الله - صلاة الغائب في غالب أمصار المسلمين، فما من مصر وصلهم خبر موته، إلا وصلوا عليه صلاة الغائب٢.

وقد ذكر الحافظ ابن كثير أنّه صُلّي عليه في المدينة النبوية في يوم الجمعة آخر شهر ربيع الآخر من سنة ٧٢٩?؛ أي بعد قرابة خمسة أشهر من وفاته - رحمه الله٣.


١ الأعلام العلية ص ٨٤-٨٥.
٢ انظر: الأعلام العلية للبزار ص ٨٧.
٣ انظر: البداية والنهاية ١٤/١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>