للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليسوا بشيء". قالوا: يا رسول الله فإنّهم يحدّثون أحياناً بشيء يكون حقّاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تلك الكلمة من الحقّ يحفظها الجنيّ، فيقرها في أذن وليّه قرّ الدجاجة، فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة"١.

فيلزم من هذا: أنّ آيات الأنبياء لا يكون مثلها لمن يكذّبهم، وهو الذي يخبر بكذبهم.

والناس فيهم رجلان: إمّا مصدّق، وإمّا مكذّب. فالمكذّب لهم يمتنع أن يأتي بمثل آياتهم. ومتى كذب مكذب لمدعي النبوة، وأتى بمثل آيته سواء، دلّ على أنّ تلك ليست من آيات الأنبياء، ولا تدلّ على صدق النبيّ، لكن لا يلزم أن يدلّ على كذبه؛ فإنَّ الدليل المعيَّن إذا بطل، لا يستلزم انتفاء المدلول عليه؛ فقد تكون له آيات أخر تدل على نبوّته.

وصدق الصادق، وكذب الكاذب يُعرف بوجوهٍ كثيرةٍ جداً٢.

وكذلك النبوّة: لها آثار مستلزمة لها، بدون إخبار النبيّ بأنّه نبيّ.

وكذب المتنبي الذي يُزيّن له الشيطان أن يقول: إنّه نبيّ، له آثار [تستلزم] ٣ انتفاء النبوة، وأنّه كاذبٌ؛ إمّا عمداً، وإمّا أنّ الشيطان قد لبّس عليه.


١ أخرجه الإمام البخاري في صحيحه ٥٢٢٩٤، كتاب الأدب، باب قول الرجل للشيء: ليس بشيء، وهو ينوي أنه ليس بحقّ، بنفس اللفظ. وهو بلفظ مقارب في صحيح البخاري أيضاً ٥٢١٧٣، كتاب الطب، باب الكهانة. ومسلم في صحيحه ٤١٧٥٠، كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان.
٢ سبق ذكر كثيرٍ من هذه الوجوه في ص ٢٢٤-٢٢٥، ٥٨٨-٦٣١، ٦٤٩ من هذا الكتاب. وسيأتي في آخر الكتاب وجوه أخرى.
٣ في ((خ)) : يستلزم. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>