للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً: من أخبر الناس خبراً، طلب أن يصدّقوه فيه، وقد نُهوا عن تصديقه إلا ببينة، فإنّه أيضاً كاذب؛ كما قال تعالى في القرآن: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بَأرْبَعَةِ شُهَدَاءَ [فَإِذْ] ١ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهدَاءِ فَأوْلَئِكَ عِندَ اللهِ هُمُ الكَاذِبُون} ٢.

وقال في القاذفين: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدَاً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ إِلاَّ الَّذين تَابُوا مِنْ بَعْد ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ٣.

وكذلك: إنَّ القاذف، وإن كان قد رأى الفاحشة بعينه، لكنه إذا أخبر بها الناس، فهو يطلب منهم أن يصدّقوه بمجرد خبره، وليس لهم ذلك، بل ليس لهم أن يصدّقوه حتى يأتي بأربعة شهداء، وهو لا يخبر الناس ليكذّبوه، بل يخبرهم ليعتقدوا ثبوت ما أخبرهم به، ويعتقدوا أن المقذوف قد فعل الفاحشة، وهم ليس لهم أن يقولوا ذلك إلا بأربعة شهداء، فإذا لم يأت بأربعة شهداء، فهو عند الله كاذبٌ؛ لأنّه أخبر الناس بأنّ هذا فعل الفاحشة، وقال خبراً طلب به تصديقهم، وإن يظهر أنّ هذا فعلها.

فحقيقة خبره أنّ هذا فعل فاحشةً ظاهرةً يرتب عليها هذا. بل إن كان فعل شيئاً، فقد فعله سراً، لم يُعلم به الناس.

الذنب إذا كتم لم يضر إلا صاحبه

وقد علم أن الذنب إذا كُتِمَ لم يضرّ إلا صاحبه، ولكن إذا أُعلن، فلم يُنكر، ضرّ الناس٤. وهذا لم يُعلنه.


١ في ((م)) ، و ((ط)) : فإذا.
٢ سورة النور، الآية ١٣.
٣ سورة النور، الآيتان ٤-٥.
٤ هذه المسألة تبحث في إظهار المنكر، أو إخفائه. وقد بحثها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ١٤٤٦٥،، ١٥٣٠٢-٣٠٤،، ٣٤١٨٠. وانظر جامع العلوم ولحكم ٢٢٩٢-٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>