للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكثر المسلمين إذا فعل أحدهم فاحشةً باطنةً، تاب منها ومن إعلانها. [يتشبه] ١ النّاس بعضهم ببعض في ذلك.

فلهذا نهى الله عن فعلها، وعن التكلّم بها؛ صدقاً، وغير صدق؛ فإنّها إذا فُعِلَتْ، وكُتِمَتْ، خَفَّ أَمْرُهَا، وإذا أُظْهِرَتْ، كان فيها مفاسد كثيرة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ابتُلي من هذه القاذورات بشيء، فليستتر بستر الله؛ فإنَّ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عليه كتاب الله" ٢، وقال: "كلّ أمتي معافى، إلا المجاهرين، وإنّ من المجاهرة أن يبيت الرجل على الذنب قد ستره الله، فيُصبح يقول: يا فلان فعلتُ البارحة كذا، وكذا"٣.

فقد نهى الله تعالى صاحبها أن يظهرها ويعلنها، فكيف القاذف؟.

بخلاف ما إذا أقرّ بها عند ولي أمر، ليقيم عليه الحد، أو يشهد بها نصاب تامّ لإقامة الحدّ٤، فذاك فيه منفعة وصلاح.

وقد يُخبر بها بعض الناس سراً؛ لمن يعلمه كيف يتوب؟ ويستفتيه، ويستشيره فيما يفعل؟ فعلى ذلك المفتي والمشير أن يكتم عليه ذلك، ولا

يشيع الفاحشة. وبسط هذا له موضع آخر٥.


١ في ((خ)) : يشبه. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ أخرجه الإمام مالك في الموطأ ١-٢٨٢٥، كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا، مع اختلافٍ يسير.
٣ أخرجه البخاري في صحيحه ٥٢٢٥٤، كتاب الآداب، باب ستر المؤمن على نفسه. ومسلم في صحيحه ٤٢٢٩١، كتاب الزهد والرقائق، باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه.
٤ انظر بعض من اعترف على نفسه وأقرّ بما فعل، في صحيح مسلم ٣١٣١٨-١٣٢٥، كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنى.
٥ انظر: مجموع الفتاوى ٣٤١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>