للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وملك سليمان [عليه السلام] ، لم يكن لغيره؛ كما قال: {رَبِّ اغْفِرْ لي وَهَبْ لي مُلْكَاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} ١؛ فطاعة الجن والطير، وتسخير الريح تحمله من مكان إلى مكان؛ له، ولمن معه. [لم] ٢ يكن مثل هذه الآية لغير سليمان.

وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: " ما من نبيّ من الأنبياء، إلا وقد أُوتي من الآيات ما أمن على مثله البشر، وإنّما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة"٣.

وهو من حين أتى بالقرآن، وهو بمكة يقرأ على الناس: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرَاً} ٤.


١ سورة ص، الآية ٣٥.
٢ في ((ط)) : ولم.
٣ الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ٤١٩٠٥، كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزل الوحي، وأول ما أُنزل. ومسلم في صحيحه ١١٣٤، ١٥٢، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته.
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند هذا الحديث: "والمعنى أنّ كلّ نبيّ أوتي من خوارق المعجزات ما يقتضي إيمان من رأى ذلك من أولي البصائر والنهى، لا من أهل العناد والشقاء، وإنّما كان الذي أوتيته؛ أي جلّه وأعظمه وأبهره القرآن الذي أوحاه الله إليّ، فإنّه لا يبيد ولا يذهب، كما ذهبت معجزات الأنبياء، وانقضت أيامهم، فلا تُشاهد، بل يُخبر عنها بالتواتر والآحاد، بخلاف القرآن العظيم الذي أوحاه الله إليه؛ فإنّه معجزة متواترة عنه، مستمرة، دائمة البقاء بعده، مسموعة لكل من ألقى السمع وهو شهيد". البداية والنهاية ٦٢٦٢-٢٦٣.
٤ سورة الإسراء، الآية ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>