للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ظهر أنّ من آيات الأنبياء ما يختصّ به النبيّ، ومنها [ما] ١ يأتي به عددٌ من الأنبياء، ومنها ما يشترك فيه الأنبياء كلّهم ويختصّون به؛ وهو الإخبار عن الله بغيبه الذي لا يعلمه إلا الله؛ قال: {عَالِمُ الغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدَاً إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدَاً لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِم وَأَحْصَى كُل شَيْءٍ عَدَدَاً} ٢.

لكن ما يظهر على المؤمنين بهم من الآيات؛ بسبب الإيمان بهم: فيه قولان:

كرامات الأولياء: هل هي من آيات الأنبياء أم لا فيه قولان:

قال طائفة٣: ليس ذلك من آياتهم. وهذا قول من يقول: من شرط المعجزة أن [يقارن] ٤ دعوى النبوة، لا يتقدّم عليها، ولا يتأخّر عنها؛ كما قاله هؤلاء٥ الذين يجعلون خاصّة المعجزة: التحدّي بالمثل، وعدم المعارضة، ولا يكون إلا مع الدعوى، كما تقدم. وهو قولٌ قد عرف فساده من وجوه.

والقول الثاني: وهو القول الصحيح: أنّ آيات الأولياء هي من جملة آيات الأنبياء٦؛ فإنّها مستلزمة لنبوّتهم، ولصدق الخبر بنبوّتهم؛ فإنه لولا


١ ما بين المعقوفتين ساقط من ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .
٢ سورة الجن، الآيات ٢٦-٢٨.
٣ وهم المعتزلة الذين نفوا كرامات الأولياء.
وانظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص ٥٦٩-٥٧٠.
٤ في ((م)) ، و ((ط)) : تقارن.
٥ وهم الأشاعرة. وانظر ما سبق في هذا الكتاب ص ١٥٢-١٥٣، ٥٨٦.
٦ قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "ذكر غير واحد من العلماء أنّ كرامات الأولياء معجزات للأنبياء؛ لأنّ الوليّ إنّما نال ذلك ببركة متابعته لنبيّه وثواب إيمانه". البداية والنهاية ٦١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>