للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: {قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدَاً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَاب} ١.

كما قال: {شَهِدَ اللهُ أنَّه لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالملائِكَةُ وَأُوْلُوا العِلْمِ} ٢.

وقد قلنا: يجوز أن تكون آياتهم خارقة لعادة جميع الخلق، إلاَّ للنبيّ، لكن لا يجب هذا فيها٣.

اعتراض وجواب المؤلف عليه

فإن قيل: قد ذكرتم أن آيات الأنبياء هي الخوارق التي تخرق عادة جميع الثقلين، فلا تكون لغير الأنبياء، ولغير من شهد لهم بالنبوة. وهذا كلامٌ صحيحٌ فصلتم به بين آيات الأنبياء، وغيرهم بفصلٍ مطّرد منعكس٤، بخلاف من قال: هي خرق العادة٥، ولم يُميّز بينها وبين غيرها، وتكلّم في خرق العادة بكلامٍ متناقضٍ؛ تارة يمنع وجود السحر والكهانة، وتارة يجعل هذا الجنس من الآيات، ولكن الفرق عدم المعارضة. لكن لم يذكروا الفرق في نفس الأمر، ونفس كونها معجزة، وخارقاً، وآية: لماذا كان؟ وما هو الوصف الذي امتازت به، حتى صارت آية ودليلا دون غيرها؟ فذكرتم الدليل، لكن لم تذكروا الحقيقة التي بها صار الدليل دليلاً.

قيل: لا بُد أن تكون مما يعجز عنها الإنس والجن؛ فإنّ هذين الثقلين بُعث إليهم الرسل؛ كما قال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا


١ سورة الرعد، الآية ٤٣.
٢ سورة آل عمران، الآية ١٨.
٣ تقدم ذلك مراراً، في أول هذا الكتاب، وانظر ص ٩٩٢ منه.
٤ سبق ذلك. انظر ص ٣٠١ من هذا الكتاب.
٥ وهم الأشاعرة، كما سبق بيانه في ص ١٥١-١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>