للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعبير عن حقائق الإيمان بعبارات القرآن أولى من غيرها

والتعبير عن حقائق الإيمان بعبارات القرآن، أولى من التعبير عنها بغيرها؛ فإن ألفاظ القرآن يجب الإيمان بها، وهي تنزيل من حكيم حميد.

والأمة متفقة عليها، ويجب الإقرار بمضمونها قبل أن تفهم، وفيها من الحكم والمعاني ما لا تنقضي عجائبه.

والألفاظ المحدثة فيها إجمال واشتباه ونزاع.

ثمّ قد يُجعل اللفظ حجة بمجرده، وليس هو قول الرسول الصادق المصدوق، وقد يُضطرب في معناه. وهذا أمرٌ يعرفه من جرّبه من كلام الناس.

فالاعتصام بحبل الله يكون بالاعتصام بالقرآن والإسلام١،


١ شيخ الإسلام رحمه الله هنا يقعّد قاعدة مهمة في اتخاذ القرآن الكريم إماماً، وقائداً؛ فهو كلام الله تعالى، المتعبّد بتلاوته، وكل حرف يقرأ فيه بعشر حسنات، فهو كلام العليم الخبير، الذي يعلم ما في الصدور.
وله - رحمه الله - كلام طيب حول هذا المعنى في مناظرته حول العقيدة الواسطية ٤١٦٥.
وله رحمه الله أيضاً كلام نفيس في موضع آخر، يحضّ فيه على التمسك بالقرآن الكريم، والاعتصام به، ويُبيّن أن السلف رحمهم الله لما اعتصموا به لم يضلّوا.. يقول رحمه الله: "وكان من أعظم ما أنعم الله به عليهم: اعتصامهم بالكتاب والسنة، فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان: أنه لا يُقبل من أحد قط أن يعارض القرآن لا برأيه، ولا ذوقه، ولا معقوله، ولا قياسه، ولا وجده؛ فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات، والآيات البينات أن الرسول جاء بالهدي ودين الحق، وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم، فيه نبأ من قبلهم، وخبر ما بعدهم، وحكم ما بينهم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، فلا يستطيع أن يزيغه إلى هواه، ولا يُحرّف به لسانه، ولا يخلق عن كثرة الترداد، فإذا ردّد مرة بعد مرة، لم يخلق، ولم يمل كغيره من الكلام، ولا تنقضي عجائبه، ولا تشبع منه العلماء، من قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم. فكان القرآن هو الإمام الذي يُقتدى به، ولهذا لا يُوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل ورأي وقياس، ولا بذوق ووجد ومكاشفة، ولا قال قط قد تعارض في هذا العقل والنقل ... ". مجموع الفتاوى١٣٢٨-٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>