للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آيات الأنبياء يمتنع وجودها بدون صدق النبي

فآيات الأنبياء الدالّة على صدقهم يمتنع وجودها بدون صدق النبيّ، ووجودها مع مدّعي النبوّة كاذباً أعظم استحالة؛ فإنّها إذا كانت ممتنعة مع عدم نبوة صادقة، - وإن لم تكن هناك نبوّة كاذبة -، فمع الكاذبة أشدّ امتناعاً؛ فهي مستلزمة للنبوة لا [تكون] ١ مع عدم النبوة البتة.

والكاذب قد عُدمت في حقه النبوة، ووجد في حقّه ضدّها؛ وهو الكذب في دعواها، يمتنع كونه نبياً صادقاً، فيمتنع أن يخلق الرب ما يدلّ على صدق الأنبياء، بدون صدقهم؛ لامتناع وجود الملزوم دون لازمه، ومع كذبهم؛ لامتناع وجود الشيء مع ضده.

والكذب ضدّ الصدق، فيمتنع أن يكون قوله: أنا نبيّ صدقاً وكذباً. فإذا استلزمت الصدق، امتنع وجود الكذب.

يمتنع دليل الصدق مع عدم الصدق

وخلق دليل الصدق مع عدم الصدق، ممتنع غير مقدور، لكن الممكن المقدور: أنّ ما جعله دليلاً على الصدق يخلقه بدون الصدق، فيكون قد خلقه، وليس بدليل [حينئذٍ. ويمكن أن يخلق على يد الكاذب ما يدلّ أنه دليل على صدقه، وليس بدليل] ٢؛ مثل خوارق السحرة، والكهان؛ كما كان يجري لمسيلمة والعنسي وغيرهما٣.

لكنّ هذه ليست دليلاً على النبوّة، لوجودها معتادة لغير الأنبياء، وليست خارقة لعادة غير الأنبياء، بل هي معتادة للسحرة والكهان. فالتفريط ممّن ظنها دليلاً، لا سيّما ولا بد أن يكون دليلاً على كذب صاحبها؛ فإن


١ في ((خ)) : يكون. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) .
٣ تقدّم بيان ذلك، انظر ص ١٩٢، ٢٧٢، ٥٩٨-٦٠٠ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>