للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشياطين لا تقترن إلا بكاذب؛ كما قال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} ١.

وآيات الأنبياء مع عدم النبوة، كما أن كلام الله بدون إرادة تلك المعاني كل ذلك ممتنع من عدة وجوه

ولا يجوز أن يُظهر الربّ ما جعله دليلاً للنبوة مع عدم النبوة٢؛ كما أنّه لا يجوز أن [يتكلم] ٣ بالكلام الذي جعله لبيان معان، بدون إرادة تلك المعاني٤، بل ذلك ممتنعٌ من وجوه؛ من وجه حكمته، ومن جهة عادته، ومن جهة عدله ورحمته، ومن جهة علمه وإعلامه، وغير ذلك، كما قد بسط في مواضع٥.


١ سورة الشعراء، الآيتان ٢٢١-٢٢٢.
٢ أي لا توجد المعجزة بدون وجود النبيّ؛ لأنّ الله يفعل لحكمة وسبب، وهو ممتنع من عدة وجوه؛ فإنّ الدليل لا يكون إلا مستلزماً للمدلول عليه مختصاً به.
٣ في ((ط)) : يتلكم.
٤ شيخ الإسلام رحمه الله يردّ ها هنا على الأشاعرة الذين ينفون قيام الصفات الاختيارية بالله تعالى، ويقولون بقدم الكلام، ويمنعون أن يكون الله متكلماً إذا شاء، متى شاء.
ومذهب أهل السنة والجماعة أن الله لم يزل متكلماً إذا شاء، وأن كلام الله لآدم أو لموسى أو للملائكة كلّ في وقت تكليمه ومناداته؛ أي أنه تعالى لم يناد موسى قبل خلقه ومجيئه عند الشجرة. وإن كانت صفة الكلام أزلية النوع.
وقد بنى أهل السنة مذهبهم على مقدمتين: ١- على أن الأمور الاختيارية تقوم بالله، ٢- وعلى أن كلام الله لا نهاية له، كما قال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} [سورة الكهف، الآية ١٠٩] ، وقوله: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [سورة لقمان، الآية ٢٧] .
انظر: منهاج السنة النبوية ٣٣٥٨-٣٦٠. وموقف ابن تيمية من الأشاعرة ٣١٢٧٧.
٥ انظر ما سبق، ص ١١١٦-١١١٩ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>