ثم ساق رحمه الله تعالى الأحاديث التي تدلّ على دعوته صلى الله عليه وسلم للجنّ، وقال إثرها: "وقد ثبت بهذه الأحاديث الصحيحة أنه خاطب الجن، وخاطبوه، وقرأ عليهم القرآن، وأنهم سألوه الزاد. وقد ثبت في الصحيحين عن ابن عباس أنه كان يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير الجن ولا خاطبهم، ولكن أخبره أنهم سمعوا القرآن. وابن عباس قد علم ما دلّ عليه القرآن من ذلك، ولم يعلم ما علمه ابن مسعود وأبو هريرة وغيرهما من إتيان الجنّ إليه ومخاطبته إياهم، وأنه أخبره بذلك في القرآن، وأمره أن يخبر به. وكان ذلك في أول الأمر لما حرست السماء، وحيل بينهم وبين خبر السماء، وملئت حرساً شديداً، وكان ذلك من دلائل النبوة ما فيه عبرة ... وبعد هذا أتوه وقرأ عليهم القرآن. وروي أنه قرأ عليهم سورة الرحمن، وصار كلما قال: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} قالوا: ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب، فلك الحمد". مجموع الفتاوى ١٩٣٧-٣٨. وانظر الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص ٣٦١-٣٦٢. ٢ رواه الترمذي في جامعه ٥٣٩٩، كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة الرحمن. وقال أبو عيسى: هذا حديث غريب. وقد أخرجه ابن جرير في تفسيره ٢٧١٥٣-١٥٤. وحسّنه الألباني، انظر: صحيح الجامع الصغير ٢٩١٤. وسلسلة الأحاديث الصحيحة رقم ٢١٥٠.