للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الدليل على الاكتفاء بسكوت البكر من جهة المعقول فهو: أنَّ شدَّة حياء البكر- لعدم معاشرتها الرِّجال- عقلة على لسانها، يمنعها من النطق بالإذن في النِّكاح، وإظهار الرغبة في الأزواج، بخلاف ما إذا كانت كارهة للنكاح أو للخاطب، فإنَّها لا تستحي من الرَّدِّ، أمّا إذا سكتت فالغالب أنّه سكوتُ رضًى ما لم يظهر ما يدلّ على خلافه.

وأمّا الإجماع: فقد أجمعت الأمّة على ما دلّت عليه السنّة الصحيحة الصريحة وهو أن سكوت البكر رضى في حقِّ كلِّ بكر، ومع كلِّ وليّ، ولا فرق. وممن حكى هذا الإجماع: ابن قدامة في (المغني) ، وشيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى) ، وسيأتي نصّ قولهما قريبّا في مناقشة توجيه القول الثَّاني إن شاء الله تعالى.

توجيه القول الثَّاني.

وأمّا توجيه القول الثَّاني: وهو أنَّ سكوت البكر إنّما يكتفى به دلالة على الرضى مع أبيها أو جدّها دون غيرهما فهو:

أولاً: أنّ السكوت إنّما يكتفى به في حقِّ البكر لشدّة حيائها، وهي أشدّ حياء مع أبيها وجدّها، بخلاف غيرهما؛ إذ لا تستحي أن تفصح عن رضاها وإذنها، بصريح قولها مع أخيها، وعمِّها، ونحوهما١.

ثانيًا: أنَّ نكاح البكر لا يتوقَّف على رضاها إذا كان وليُّها أباها أو جدّها، بخلاف غيرهما؛ فإنّها لا تُنْكَح إلابإذنها، والصّمت محتمل للرضى،


١ انظر: شرح النووي على مسلم (٩/٢٠٤) ، وفتح الباري (٩/١٩٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>