للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوّلاً: أنَّ الحجّة في تخيير المعتقة هو حديث بَرِيرَة، وهو إنّما تقوم به الحجّة بعد ثبوت أنَّ زوجها كان حرًّا يوم أُعتقت، وقد عرفنا أنَّ الصحيح خلافه، وعلى هذا فقياس من عتقت تحت حرٍّ على من عتقت تحت عبد قياس مع الفارق بين الحرِّيَّة والرّقّ؛ فإنّه لا يخفى ما تشعر به الحرّة من النقص، والمذلّة تحت زوجها المملوك، بخلاف ما إذا كان زوجها حرًّا؛ فإنها تكون قد تساوت معه في الحرّيّة.

ثانيًا: أنّه ليس في حديث بَرِيرَة عموم، أو علّة منصوصة، فيعمل بعموم نصِّه أو علّته، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: إذا أعتقت الأمة فلها الخيار؛ ليشمل أزواج المعتَقات سواء أكانوا أحرارًا أم عبيدًا بقطع النظر عن واقعة الحال، بل كلُّ ما فيه أنّه صلى الله عليه وسلم خيّر بَرِيرَة، وكان زوجها عبدًا على الصحيح، وقال لها: "إن شئت أن تستقرِّى تحت هذا العبد، وإن شئت فارقْتِيه"١ رواه الدارقطني. وفي لفظ: "إن شئت أن تمكثي تحت هذا العبد ... " رواه أحمد والدارقطني- وهذا لفظه- والبيهقي٢.

ودلالة هذا اللفظ على التعليل بعبودية زوجها أظهر من دلالة لفظ "ملكت نفسك فاختاري" أو: "ملكتِ بُضْعك فاختاري" على إثبات الخيار لها مطلقًا، ولو كان زوجها حرًّا لملّكها بُضْعها على فرض صحّة


١ الدارقطني: (٣/٢٨٨) .
٢ أحمد: (المسند٦/١٨٠) ، والدارقطني: (٣/٢٨٩) ، والبيهقي: (٧/٢٢٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>