للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مظعون: يا رسول الله ابنة أخي أوصى بها إليّ فزوّجتها ابن عمتها عبد الله بن عمر فلم أقصر بها في الصلاح ولا في الكفاءة ولكنّها امرأة وإنّما حطّت إلى هوى أمّها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هي يتيمة ولا تُنْكَح إلاّ بإذنها، فانتزعت منِّي والله بعد أن ملكتها، فزوّجوها المغيرة بن شعبة ". رواه أحمد بهذا اللفظ، ورواه أيضًا الدارقطني والحاكم والبيهقي، وروى ابن ماجه طرفًا منه موقوفًا على ابن عمر رضي الله عنه١.

فقالوا: إن هذا الحديث صريح في منع الولاية في النكاح بالوصيّة؛ إذ لو كانت جائزة لأجاز النّبيُّ صلى الله عليه وسلم وصيّة عثمان بن مظعون إلى أخيه قدامة بن مظعون بتزويج ابنته٢.

ولكن الاستدلال بهذا الحديث على منع الولاية في النّكاح بالوصيّة غير ظاهر، وذلك أنَّ الوصيّ في هذا الحديث هو عمّها، فلو بطلت وصيّة أخيه إليه لم تبطل ولايته عليها بعصوبة النَّسب، والنبيّ صلى الله عليه وسلم لم يتعرَّض- في هذا الحديث- لإبطال حقِّه في الولاية، وإنّما أبطل حقّه في إجبارها على من لا ترضاه، وهو صريح قوله صلى الله عليه وسلم: "هي يتيمة ولا تُنْكَح إلاّ بإذنها". وعلى هذا فإن كانت ابنة عثمان بن مظعون كبيرة مكلّفة فالأمر واضح- على أقوال أهل العلم- في البكر البالغ أنّه لا يجبرها أبٌ ولا غيره فوصيّه من باب أولى.


١ تقدم تخريجه (١/٣٨٩) .
٢ انظر التكملة الثانية للمجموع (١٥/٤٠٠-٤٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>