للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتبر هذه الصِّفة من الكمال شرطًا للأهليَّة في الأموال أن يعتبرها شرطاً للأهليَّة في النِّكاح، سواء أكان هناك تلازم بين رُشْد المال والنِّكاح- كما هو صنيع أكثر الفقهاء- أم لا.

كما قرّره ابن رُشْد بقوله: "وسبب الخلاف تشبيه هذه الولاية بولاية المال، فمن رأى أنَّه قد يوجد الرُّشْد في هذه الولاية مع عدمه في المال قال: ليس من شرطه أن يكون رشيدًا في المال، ومن رأى أنَّ ذلك ممتنع الوجود قال: لا بدّ من الرُّشْد في المال، وهما قسمان كما ترى، أعني أنَّ الرُّشْد في المال غير الرُّشْد في اختيار الكفاءة لها"١ اهـ.

وما اختاره ابن رُشْد هنا من عدم التلازم بين رُشْد المال ورُشْد النِّكاح هو الأظهر، ولكنَّ لا يلزم من الرُّشْد في المال أن يكون رشيدًا في النِّكاح، كما قد يفهم من كلامه.

وعليه فينبغي أن يمنع الوليُّ من النِّكاح إذا عرف بسوء اختياره درءاً

للمفسدة، وجلبًا للمصلحة، وأمَّا قبل ذلك فلا تزول ولايته بمجرَّد سفهه، ما لم يظهر موجباً للفسخ يردّ به عقد الرَّشيد ومن هو دونه، وذلك قياساً على اعتبار الرُّشْد في المال، لا أنَّ الحَجْر عليه في ماله يسقط ولايته في النِّكاح.

ويشهد لذلك قول ابن عباس رضي الله عنهما "لا نكاح إلاّ بولي مرشد"٢.


١ بداية المجتهد (٢/٩) .
٢ انظر ما تقدم (ص٢٤٤-٢٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>