للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله رحمه الله: إنَّه عليه السلام لم يقدِّم شيئاً على عمرته، هذا هو الظاهر والأولى به صلى الله عليه وسلم. ولكن قوله رحمه الله: "إنّه لم يختلف أحد في أنّه إنّما تزوّجها بمكة حاضراً بها لا بالمدينة" غير مسلّم له؛ فإنَّ الخلاف موجود والأقوال ثلاثة أحدها: أنّه صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع فزوّجها إيّاه وهو بالمدينة قبل أن يخرج منها. أي وقبل أن يحرم. والثَّاني: أنّه صلى الله عليه وسلم تزوّجها وهو محرم. والثَّالث: أنّه صلى الله عليه وسلم تزوّجها بعد ما حلَّ من عمرته. ذكر هذه الأقوال الثلاثة ابن القيم في زاد المعاد١. وتقدّم خبر أبي رافع في ذلك٢.

رابعاً: أنَّ حديث ابن عباس رضي الله عنه معارض لحديث عثمان ابن عفَّان رضي الله عنه وهو أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَنْكح المحرم ولا يُنْكِح ولا يخْطُب"٣.

وإذا تعارض القول والفعل يقدم القول على الصحيح؛ لأنّه تقعيد قاعدة، بخلاف الوقائع، فإنَّها تحتمل أنواعاً شتَّى من الاحتمالات، وحديث ابن عباس حكاية واقعة عين وفيه احتمالات شتى ومنها ما يلي:

الاحتمال الأوّل: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد على ميمونة قبل أن يحرم- كما في خبر أبي رافع السابق٤- وانتشر أمر تزويجه بها بعد أن أحرم


١زاد المعاد (٣/٣٧٣- ٣٧٤) .
٢ تقدم (٢/٢٧٢) .
٣ تقدم تخريجه في أول هذا المبحث (٢/٢٦٣) .
٤ تقدم (٢/٢٧٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>