ويرى الجمهور: أن الحذف واجب، وأن خبر المبتدأ الواقع بعد "لولا" لا يكون إلا كونا عاما، وحينئذ، لا يقال: إما أن يدل عليه دليل أو لا، وهم يعدون بيت المعري لحنا، لذكره الخبر بعد لولا فيه. وخلاصة القول: يذهب الجمهور إلى أن الخبر بعد لولا لا يكون كونا خاصا، بل يجب كونه كونا عاما، ويجب مع ذلك حذفه، فإن جاء الخبر كونا خاصا في كلام ما؛ فهو لحن أو مؤول. ويرى غيرهم: يجوز أن يكون الخبر بعد لولا كونا خاصا، ولكن الأكثر أن يكون كونا عاما، فإن كان عاما وجب حذفه، كما يقول الجمهور، وإن كان كونا خاصا، فإن لم يدل عليه دليل، وجب ذكره، وإن دل عليه دليل، جاز ذكره وحذفه. ومن أمثلة مجيء الخبر كونا خاصا مذكورا بعد "لولا" قول الشاعر: لولا زهير جفاني كنت منتصرا ... ولم أكن جانحا للسلم إن جنحوا وقول الآخر: لولا ابن أوس نأى ما ضِيم صاحبه ... يوما، ولا نابه وهنٌ ولا حَذَرُ وانظر شرح التصريح: ١/ ١٧٩. ١ ذكر ابن أبي الربيع في رواية الحديث على الوجه الذي يذكره النحاة في هذه المسألة: "لم أر هذه الرواية بهذا اللفظ من طريق صحيح، والروايات المشهورة في ذلك: "لولا حدثان قومك"، و: "لولا حداثة قومك"، "لولا أن قومك حديثة عهد بجاهلية". ا. هـ. وكل هذه الروايات يجري على مذهب الجمهور، فقد جعل الكون الخاص مبتدأ وحذف خبره، وهو كون عام، أي لولا حدثان بكفر موجود. التصريح: ١/ ١٧٩. ٢ بمعنى أنه لا يستعمل إلا في القسم ويفهم منه القسم قبل ذكر المقسم عليه، وبالمقابل ما يكثر استعماله في غير القسم حتى لا يفهم منه القسم إلا بعد ذكر المقسم عليه، نحو: "عهد الله" قد كثر استعماله في غير القسم كقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُم} ثم إنه يفهم منه القسم إذا قلت: "وعهد الله لأفعلن كذا"؛ لأنك في هذا المثال قد ذكرت المقسم عليه. التصريح: ١/ ١٧٩، ١٨٠.