موطن الشاهد: "فمثلك". وجه الاستشهاد: جر "مثل" بـ"رب" المحذوفة بعد الفاء؛ وحكم الجر بـ"رب" المحذوفة بعد الفاء الجواز مع الكثرة؛ ومثل هذا الشاهد قول المتنخل الهذلي: فحور قد لهوت بهن عين نواعم في المروط وفي الرياط ١ ذهب الكوفيون وأبو العباس المبرد من البصريين إلى أن الواو تعمل بنفسها الجر في النكرة، وقالوا في تعليل ذلك: لأن الواو نابت عن "رب" التي تعمل الجر؛ فلما نابت عنها؛ عملت عملها، ولا يمكن أن نعد هذه الواو واو العطف؛ لأنها تقع في أول الكلام؛ وذهب البصريون إلى أن الواو، ليست هي التي تعمل الجر، وإنما عامل الجر "رب" مقدرة، وقالوا في تعليل رأيهم: "لأن الواو حرف غير مختص، والحرف غير المختص أصله ألا يعمل شيئا، وإذا كانت الواو، ليست هي عامل الجر، لزم أن نقدر عاملا يكون جر ما بعد الواو به، وإنما قدرنا الجر بـ"رب" لأنا رأينا "رب" يجوز ظهورها مع الواو، فيقال: ورب ليل ورب بلد، ومن ذلك قول الشاعر: "ورب أسيلة الخدين بكر" والذي ينقض قول الكوفيين والمبرد: "إن العامل هو الواو نفسها في نحو: وليل، ونحول: وبلد" أنا رأينا العرب تجر بـ"رب" محذوفة، وليس في الكلام عوض منها: كما في قول الشاعر: مثلك أو خير تركت رذية ... تقلب عينيها إذا طار طائر ورأينا العرب -أيضا- تجر الاسم النكرة بعد بل وبعد الفاء، ولم يقل أحد منا ومنكم: إن بل أو الفاء تجر، وهذان الحرفان، يحسن ظهورهما في الكلام مع "رب" كما قلنا في شأن الواو، ولو كان حرف منها نائبا عن رب وعوضا عنها، لم يجز أن يظهر في الكلام معها؛ لأن العوض لا يذكر مع المعوض. انظر مغني اللبيب: ٤٧٧، وهمع الهوامع: ٢/ ٣٦-٣٧. ٢ القائل: هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وقد مرت ترجمته.