للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اتجاهه إلى الشمال الشرقي حتى رمال الدهناء تحت اسم "وادي الأجردي"، ثم يسير بعد ذلك في نفس الاتجاه باسم "وادي الباطن"، حيث مدينة البصرة على شط العرب، ويتصل بهذا الوادي مجموعة ضخمة من الروافد تجري في كل شمال غربي هضبة نجد، ويبلغ اتساع وادي الرمة في بعض المناطق خمسة أميال، وتقع عليه -وكذا على روافده- أكبر القرى الواحية في منطقة القصيم، وأهمها بريدة وعنيزة والرس ورياض الخبراء وقصر بن عقيل والبديع والخبراء والبكيرية والدليمية والديبية والنبهانية والقرعاء والروضة والعيون والرويضة والربيعية وغيرها١.

هذا ويتجه بعض الباحثين إلى اعتبار وادي الرمة هذا، إنما هو نهر "فيشون" المذكور في التوراة كواحد من أنهار الجنة الأربعة، "دجلة، والفرات وجيحون وفيشون"٢، وتصف التوراة فيشون هذا بأنه "يحيط بجميع أرض الحويلة حيث الذهب، وذهب تلك الأرض جيد، وفيها المقل وحجر الجزع"٣، بل أن هناك من يذهب إلى أن الأنهر المذكورة في التوراة إنما هي أنهر تقع في بلاد العرب، وأنها وادي الدواسر ووادي الرمة ووادي السرحان ووادي حوران، وأن ميل السطح في شبه جزيرة العرب وتعرضه للرياح الموسمية، ربما كان قد تغير بانخساف في طبقات الأرض، فندر الماء في شبه الجزيرة العربية٤، ولعل سبق اليمن إلى عمارة السدود وخزانات المياه التي من أشهرها "سد مأرب"، إنما يرجع إلى محاولة القوم التغلب على هذا القحط، بل لعل المأثورات المتداولة بين عرب الجاهلية عن وجود ما يسمى بالعرب البائدة مثل عاد وثمود وطسم وجديس وجرهم ووبار وغيرهم، إنما هو صدى لتلك الكوارث الجغرافية -فضلا عن الأسباب الدينية- التي دفعت بالساميين الأصليين من سكان بلاد العرب إلى البحث عن القوت في أماكن أخرى٥،


١ محمود طه أبو العلا: المرجع السابق ص٨١، ٨٣.
٢ تكوين ٢: ١٠-١٤.
٣ تكوين: ٢: ١٢.
٤ جواد علي ١/ ٢٤٤ وكذا انظر:
L. CAETANI, STUDI DI STORIA ORIENTALE, I, P.٦٤, ٨٠, ٢٤٣, II, P.٥٣, ٦٥
وكذا J.A. MONTGOMERY, ARABIA AND THE BIBLE, P.٩
وكذا A. MUSIL, NORTHERN NEJD, P.٣٠٥
٥ انظر: حسن ظاظا: المرجع السابق ص١٤، ومقالنا "الساميون والآراء التي دارت حول موطنهم الأصلي" مجلة كلية اللغة العربية" ١٩٧٤ العدد الرابع ص٢٦٥-٢٦٧، وكتابنا "دراسات في التاريخ القرآني" -الفصل التاسع من الجزء الأول-.

<<  <   >  >>